فرق الإسماعيلية
كان يصحب حالة التضعضع السياسي في المشرق الاسلامي قبل نشوب الحروب الصليبية حالة اخرى من التشتت والاختلاف ما بين الطوائف والمذاهب الاسلامية من سنيي وشيعة وكان الاسماعيليون اشد عداء على جماعة المسلمين ،يعملون على النيل منهم والفتك بهم
والاسماعليون ينسبون الى اسماعيل بن جعفر الصادق ،ومن اشهر فرق الاسماعلية :القرامطة ــ الفاطميون ــ الحشاشون .
اما القرامطة فانهم منذ اواخر القرن الثالث كانوا يبثون الرعب والفزع ،وكانت اعتدائتهم دون حصر ،فكانوا يبيحون سفك الدماء ،ويغيرون على الآمنين في الجزيرة العربية والعراق والشام ،وكانوا بعملهم هذا من اشد المعاول تهديما لكيان الخلافة العباسية والمجتمع الاسلامي .
ولئن تمكن الفاطميون من الاستيلاء على الشام بعد نهاية القرامطة ،فان عدائهم للسلاجقة السنيين جعلهم ينتهزون فرصة الهجوم الصليبي ليكيدوا للسلاجقة.
ولكن الاخطر من كل ذلك هي فرقة الاسماعيلية التي اشتهرت ايضا باسم الحشاشون .
تعاونت هذه الفرقة مع الصليبين وفتكت بالكثير من قادة المسلمين ورجالاتهم ومما ساعد على نجاحهم في بلاد الشام في اواخر القرن الخامس الهجري (اواخر القرن الحادي عشر الميلادي) انها كانت مرتعا خصيبا للصراع بين الفاطميين والسلاجقة والصليبين ،الذين افلحوا في تاسيس مملكة لاتينية لهم في الاراضي المقدسة على حساب هذه الفوضى الضاربة اطنابها في الشرق الاسلامي.
كما مكنت هذه الاضطرابات الاسماعيلية من الاستيلاء على عدد من القلاع الجبلية القوية المتناثرة في جبال لبنان ،وتكوين مجتمعات اسماعيلية هناك لاهم لها الا العمل على تثبيت اقدامها بكافة الطرق والوسائل .
واضحوا قوة سياسية لايستهان بها ،وبات أمراء المسلمين والفرنج يخافون بطشهم ويحسبون حسابهم.
وكانت سياستهم تقوم على الفتك بمن يعترضهم في سبيل تحقيق غاياتهم .
وقد حفل تاريخهم بالارهاب السياسي والاغتيالات المنظمة ضد الزعماء السنيين وكبار الفرنج على السواء .
فكان من بين ضحاياهم الامير مودور قائد جيوش الموصل الذي قتلوه سنة 507 هجرية 1113 ميلادية.
وكونراد دي منتفرات صاحب صور الذي اغتالوه في 588هجرية 1192ميلادية .
وكاد صلاح الدين الايوبي ان يذهب ضحية احدى مؤمراتهم في سنة 571هجرية 1175 ميلادية حيث وثبت جماعة منهم عليه ،ولم يمنعه من سيوفهم سوى دروعه المنيعة التي حالت دون اغتيالهم لأعظم بطل اسلامي في الحروب الصليبية .
وهكذا غدت طائفة الاسماعلية في الشام عاملا قويا الاثر في حوادث هذا العصور وتطوراته وزاد من اهمية الدور الذي قامت به معاصرتها للحروب الصليبية الاولى ،فعاشت في كنفها وترعرعت بين احضانها.
وقد ألفت في انقسام المسلمين وفي المعارك الصليبية ،مجالا واسعا لنشاطها ومؤمراتها .
واستطاع الاسماعلية ان يستغلوا هذه الظروف في ملء خزانتهم وتثبيت دعائم دولتهم وكان امراء المسلمين والفرنج يتوددون اليهم ويلتمسون محالفتهم خوفا من صولتهم .
كما كان الاسماعلية انفسهم يتقلبون في محالفة الفريقين طبقا لما تمليه عليهم مصالحهم .
وكان كبير الاسماعيلية بالشام يعرف باسم شيخ الجبل .
لقد كان حشيشية الشام شوكة في جنب الاسلام والمسلمين وفي جنب كل مجاهد يحاول توحيد القوى الاسلامية لدرء خطر الفرنج .
ولقد ظهر ذلك واضحا منهم منذ البداية في عهد الحروب الصليبية الاولى مما اتاح للاتين فرصا عديدة استغلوها لتوطيد دعائم مملكتهم .
ويكفي ان لقي نور الدين زنكي وصلاح الدين على ايديهم الشيئ الكثير من العنت والمضايقات .
وكان شيخ الجبل عند خروجه يتقدمه احد فداويته حاملا فأس حرب ذات مقبض مغطى بالفضة وقد رشق كله بالخناجر ،وهو يصيح بصوت مرتفع :"افسحوا الطريق امام ذلك الذي يحمل مصارع الملوك في قبضته "وذكر القلشقندي انهم يعتقدون "ان الارواح مسجونة في هذه الاجسام المكلفة بطاعة الامام المطهر فاذا انتقلت على الطاعة كانت قد تخلصت وانتقلت للانوار العلوية ،وان انتقلت على العصيان هوت في الظلمات السفلية ،وكانوا لايرهبون الموت ،ولايتدرعون عندما يذهبون للقتال ،لانهم يؤمنون ان لكل اجل كتابا وان الانسان لايموت قبل اجله المقدر له ،وانهم عندما يسبون اطفالهم يقولون لهم "ملعونون انتم كالفرنج الذين يلبسون الدروع خوفا من الموت "وكان شيخ الجبل يستخدم اتباعه من الفداوية في قتل اعدائه ويشترط فيهم التفاني في طاعته بحيث يضحون بانفسهم في سبيل تنفيذ تلك الطاعة ليعموا بدار الخلد المقيم .
واصبحوا اداة فعالة للانتقام والارهاب ومهروا في فن التنكر واستخدام السلاح كما كانوا يجيدون التكلم باللغات الاجنبية .
وكانوا يقتلون المسلمين ايام الجمع في المساجد ،والنصارى ايام الآحاد في الكنائس ،على مشهد من الناس .
وخلاصة القول ان برنامجهم كان يقتضي اجادة الخنجر ضد المعارضين ،فكان اثر ذلك ان نشروا الرعب الذي كان يفزع له الملوك والامراء .
وقد لبث الاسماعيلية متحصنين بقلاعهم المشهورة في لبنان ،تلك القلاع التي ظلت قذى في أعين الصليبيين والمسلمين الى أن جاء السلطان الظاهر بيبرس فحاصرها سنة 668 هجرية 1269ميلادية وخربها وضمها الى مملكته .
وبذلك انهار نفوذهم في الشام ،واستحالوا شراذم لا أهمية لها ،واسدل الستار على تاريخهم الحافل بالتقلب والارهاب والجاسوسية والمؤمرات
تحياتي : twitter
كان يصحب حالة التضعضع السياسي في المشرق الاسلامي قبل نشوب الحروب الصليبية حالة اخرى من التشتت والاختلاف ما بين الطوائف والمذاهب الاسلامية من سنيي وشيعة وكان الاسماعيليون اشد عداء على جماعة المسلمين ،يعملون على النيل منهم والفتك بهم
والاسماعليون ينسبون الى اسماعيل بن جعفر الصادق ،ومن اشهر فرق الاسماعلية :القرامطة ــ الفاطميون ــ الحشاشون .
اما القرامطة فانهم منذ اواخر القرن الثالث كانوا يبثون الرعب والفزع ،وكانت اعتدائتهم دون حصر ،فكانوا يبيحون سفك الدماء ،ويغيرون على الآمنين في الجزيرة العربية والعراق والشام ،وكانوا بعملهم هذا من اشد المعاول تهديما لكيان الخلافة العباسية والمجتمع الاسلامي .
ولئن تمكن الفاطميون من الاستيلاء على الشام بعد نهاية القرامطة ،فان عدائهم للسلاجقة السنيين جعلهم ينتهزون فرصة الهجوم الصليبي ليكيدوا للسلاجقة.
ولكن الاخطر من كل ذلك هي فرقة الاسماعيلية التي اشتهرت ايضا باسم الحشاشون .
تعاونت هذه الفرقة مع الصليبين وفتكت بالكثير من قادة المسلمين ورجالاتهم ومما ساعد على نجاحهم في بلاد الشام في اواخر القرن الخامس الهجري (اواخر القرن الحادي عشر الميلادي) انها كانت مرتعا خصيبا للصراع بين الفاطميين والسلاجقة والصليبين ،الذين افلحوا في تاسيس مملكة لاتينية لهم في الاراضي المقدسة على حساب هذه الفوضى الضاربة اطنابها في الشرق الاسلامي.
كما مكنت هذه الاضطرابات الاسماعيلية من الاستيلاء على عدد من القلاع الجبلية القوية المتناثرة في جبال لبنان ،وتكوين مجتمعات اسماعيلية هناك لاهم لها الا العمل على تثبيت اقدامها بكافة الطرق والوسائل .
واضحوا قوة سياسية لايستهان بها ،وبات أمراء المسلمين والفرنج يخافون بطشهم ويحسبون حسابهم.
وكانت سياستهم تقوم على الفتك بمن يعترضهم في سبيل تحقيق غاياتهم .
وقد حفل تاريخهم بالارهاب السياسي والاغتيالات المنظمة ضد الزعماء السنيين وكبار الفرنج على السواء .
فكان من بين ضحاياهم الامير مودور قائد جيوش الموصل الذي قتلوه سنة 507 هجرية 1113 ميلادية.
وكونراد دي منتفرات صاحب صور الذي اغتالوه في 588هجرية 1192ميلادية .
وكاد صلاح الدين الايوبي ان يذهب ضحية احدى مؤمراتهم في سنة 571هجرية 1175 ميلادية حيث وثبت جماعة منهم عليه ،ولم يمنعه من سيوفهم سوى دروعه المنيعة التي حالت دون اغتيالهم لأعظم بطل اسلامي في الحروب الصليبية .
وهكذا غدت طائفة الاسماعلية في الشام عاملا قويا الاثر في حوادث هذا العصور وتطوراته وزاد من اهمية الدور الذي قامت به معاصرتها للحروب الصليبية الاولى ،فعاشت في كنفها وترعرعت بين احضانها.
وقد ألفت في انقسام المسلمين وفي المعارك الصليبية ،مجالا واسعا لنشاطها ومؤمراتها .
واستطاع الاسماعلية ان يستغلوا هذه الظروف في ملء خزانتهم وتثبيت دعائم دولتهم وكان امراء المسلمين والفرنج يتوددون اليهم ويلتمسون محالفتهم خوفا من صولتهم .
كما كان الاسماعلية انفسهم يتقلبون في محالفة الفريقين طبقا لما تمليه عليهم مصالحهم .
وكان كبير الاسماعيلية بالشام يعرف باسم شيخ الجبل .
لقد كان حشيشية الشام شوكة في جنب الاسلام والمسلمين وفي جنب كل مجاهد يحاول توحيد القوى الاسلامية لدرء خطر الفرنج .
ولقد ظهر ذلك واضحا منهم منذ البداية في عهد الحروب الصليبية الاولى مما اتاح للاتين فرصا عديدة استغلوها لتوطيد دعائم مملكتهم .
ويكفي ان لقي نور الدين زنكي وصلاح الدين على ايديهم الشيئ الكثير من العنت والمضايقات .
وكان شيخ الجبل عند خروجه يتقدمه احد فداويته حاملا فأس حرب ذات مقبض مغطى بالفضة وقد رشق كله بالخناجر ،وهو يصيح بصوت مرتفع :"افسحوا الطريق امام ذلك الذي يحمل مصارع الملوك في قبضته "وذكر القلشقندي انهم يعتقدون "ان الارواح مسجونة في هذه الاجسام المكلفة بطاعة الامام المطهر فاذا انتقلت على الطاعة كانت قد تخلصت وانتقلت للانوار العلوية ،وان انتقلت على العصيان هوت في الظلمات السفلية ،وكانوا لايرهبون الموت ،ولايتدرعون عندما يذهبون للقتال ،لانهم يؤمنون ان لكل اجل كتابا وان الانسان لايموت قبل اجله المقدر له ،وانهم عندما يسبون اطفالهم يقولون لهم "ملعونون انتم كالفرنج الذين يلبسون الدروع خوفا من الموت "وكان شيخ الجبل يستخدم اتباعه من الفداوية في قتل اعدائه ويشترط فيهم التفاني في طاعته بحيث يضحون بانفسهم في سبيل تنفيذ تلك الطاعة ليعموا بدار الخلد المقيم .
واصبحوا اداة فعالة للانتقام والارهاب ومهروا في فن التنكر واستخدام السلاح كما كانوا يجيدون التكلم باللغات الاجنبية .
وكانوا يقتلون المسلمين ايام الجمع في المساجد ،والنصارى ايام الآحاد في الكنائس ،على مشهد من الناس .
وخلاصة القول ان برنامجهم كان يقتضي اجادة الخنجر ضد المعارضين ،فكان اثر ذلك ان نشروا الرعب الذي كان يفزع له الملوك والامراء .
وقد لبث الاسماعيلية متحصنين بقلاعهم المشهورة في لبنان ،تلك القلاع التي ظلت قذى في أعين الصليبيين والمسلمين الى أن جاء السلطان الظاهر بيبرس فحاصرها سنة 668 هجرية 1269ميلادية وخربها وضمها الى مملكته .
وبذلك انهار نفوذهم في الشام ،واستحالوا شراذم لا أهمية لها ،واسدل الستار على تاريخهم الحافل بالتقلب والارهاب والجاسوسية والمؤمرات
تحياتي : twitter