بسم الله الرحمن الرحيم
-1-
ارتدى الطيار بدلته العسكرية وهَمّ بالخروج من البيت. استوقفته زوجته عند الباب وسألت: إلى أين؟ قال: مهمة عاجلة؛ سأحلق بطيارتي المقاتلة فوق الموحسن فأرمي بعض القنابل وأقذف عدداً من الصورايخ ثم أعود. قالت الزوجة المخلصة: انتبه على نفسك وترجع لنا بالسلامة. ثم طبعت قبلة على صفحة خدّه وهي تودعه على الباب، وعندما بدأ بالابتعاد هتفت به: لا تنسَ أن تحسن التسديد.
-2-
وصل الطيار إلى الهدف؛ بدأ أولاً بإلقاء القنابل على بيوت المدنيين العزّل فهدم طائفة منها على رؤوس ساكنيها، ثم أكمل مهمته الوطنية بإطلاق ما تحمله الطيارة من صواريخ على المدينة المنكوبة. فجأة ارتجّت طيارته وسمع صوت انفجار، ماذا حدث؟ لقد أصيب بمضادات الطيران الأرضية. ترنّحت الطيارة ثم بدأت تهوي، فقذف الطيار بنفسه خارجها وهبط بالمظلة إلى الأرض، وخلال دقائق كان في أيدي الثوار.
-3-
الزوجة تطبخ وجبة الغداء. رمضان؟ وما رمضان؟ إنه للمساكين الذين ذهب زوجها لقصفهم، أولئك شهرهم رمضان والوجبات فيه فَطور وسُحور، أما هي وهو فشهرهم هو آب والوجبات فيه ثلاث، إفطار وغداء وعشاء. قطع عليها عملَها في المطبخ رنينُ الهاتف: افتحي التلفاز على “العربية” بسرعة. العربية؟ قناة الكذب والتلفيق؟ غريب!
-4-
رأت زوجها المسكين محاطاً بعدد من المسلحين المتوحشين (أحست بالصدمة ولم تعد قادرة على الوقوف، وأصيب الأولاد بحالة هلع عندما شاهدوا أباهم على تلك الصورة، وقد ظهرت على وجهه بعض الكدمات الزرقاء). يا حَرام! كدمات؟ ماذا فعل به أولئك الوحوش؟ يا لهم من ناكري جميل! أهذا هو جزاء من يذهب لقصفهم مضحّياً براحته ومكتبه المكيّف وبيته الجميل؟
-5-
(الزوجة المفجوعة أرسلت مناشَدة عاجلة إلى الهيئة العامة للمصالحة الوطنية للعمل على إطلاق سراح زوجها، وطالبت الخاطفين بأن يتحلّوا بأخلاق الإسلام الذي يرفعون لواءه ويدّعون بأنهم ينتمون إليه، وأن يكفّوا عن قتل الأبرياء).
-6-
أبناء الطيار الأسير في غاية الحزن واللوعة (يا حَرام!) و(طالبون بالعمل الفوري لإعادة والدهم إليهم وتحريره من خاطفيه)، وهم يؤكدون أن أباهم مخلوق وديع وأنه (يتحلّى بأخلاق الجيش العربي السوري ولا يمكن أن يقتل الأبرياء).
-7-
كأني بكم وقد فقدتم لتراً من الدموع بعد هذه القصة المؤثرة. لا تقولوا إني لم أنذركم! لقد فعلت. حسناً، قبل أن نختم يمكننا أن نرسل رسالة مقتضَبة لزوجة الحَمَل الوديع وأولاده: لقد ثارت أشجانكم لأنكم شاهدتموه على التلفاز أسيراً مكدّماً، أما زوجات وأطفال الضحايا الذين قتلَتْهم صواريخُ طيّارته وقنابلها فلم تُثِرْ أشجانهم. لقد كان زوجك يا مدام وكان أبوكم يا أولاد رحيماً بهم، فإنه دكّ البيوت فوق رؤوسهم فماتوا جميعاً بضربة واحدة، فلم تبقَ ثكلى لتنوح على زوج راحل ولا يتامى ليبكوا الوالد الفقيد.
-1-
ارتدى الطيار بدلته العسكرية وهَمّ بالخروج من البيت. استوقفته زوجته عند الباب وسألت: إلى أين؟ قال: مهمة عاجلة؛ سأحلق بطيارتي المقاتلة فوق الموحسن فأرمي بعض القنابل وأقذف عدداً من الصورايخ ثم أعود. قالت الزوجة المخلصة: انتبه على نفسك وترجع لنا بالسلامة. ثم طبعت قبلة على صفحة خدّه وهي تودعه على الباب، وعندما بدأ بالابتعاد هتفت به: لا تنسَ أن تحسن التسديد.
-2-
وصل الطيار إلى الهدف؛ بدأ أولاً بإلقاء القنابل على بيوت المدنيين العزّل فهدم طائفة منها على رؤوس ساكنيها، ثم أكمل مهمته الوطنية بإطلاق ما تحمله الطيارة من صواريخ على المدينة المنكوبة. فجأة ارتجّت طيارته وسمع صوت انفجار، ماذا حدث؟ لقد أصيب بمضادات الطيران الأرضية. ترنّحت الطيارة ثم بدأت تهوي، فقذف الطيار بنفسه خارجها وهبط بالمظلة إلى الأرض، وخلال دقائق كان في أيدي الثوار.
-3-
الزوجة تطبخ وجبة الغداء. رمضان؟ وما رمضان؟ إنه للمساكين الذين ذهب زوجها لقصفهم، أولئك شهرهم رمضان والوجبات فيه فَطور وسُحور، أما هي وهو فشهرهم هو آب والوجبات فيه ثلاث، إفطار وغداء وعشاء. قطع عليها عملَها في المطبخ رنينُ الهاتف: افتحي التلفاز على “العربية” بسرعة. العربية؟ قناة الكذب والتلفيق؟ غريب!
-4-
رأت زوجها المسكين محاطاً بعدد من المسلحين المتوحشين (أحست بالصدمة ولم تعد قادرة على الوقوف، وأصيب الأولاد بحالة هلع عندما شاهدوا أباهم على تلك الصورة، وقد ظهرت على وجهه بعض الكدمات الزرقاء). يا حَرام! كدمات؟ ماذا فعل به أولئك الوحوش؟ يا لهم من ناكري جميل! أهذا هو جزاء من يذهب لقصفهم مضحّياً براحته ومكتبه المكيّف وبيته الجميل؟
-5-
(الزوجة المفجوعة أرسلت مناشَدة عاجلة إلى الهيئة العامة للمصالحة الوطنية للعمل على إطلاق سراح زوجها، وطالبت الخاطفين بأن يتحلّوا بأخلاق الإسلام الذي يرفعون لواءه ويدّعون بأنهم ينتمون إليه، وأن يكفّوا عن قتل الأبرياء).
-6-
أبناء الطيار الأسير في غاية الحزن واللوعة (يا حَرام!) و(طالبون بالعمل الفوري لإعادة والدهم إليهم وتحريره من خاطفيه)، وهم يؤكدون أن أباهم مخلوق وديع وأنه (يتحلّى بأخلاق الجيش العربي السوري ولا يمكن أن يقتل الأبرياء).
-7-
كأني بكم وقد فقدتم لتراً من الدموع بعد هذه القصة المؤثرة. لا تقولوا إني لم أنذركم! لقد فعلت. حسناً، قبل أن نختم يمكننا أن نرسل رسالة مقتضَبة لزوجة الحَمَل الوديع وأولاده: لقد ثارت أشجانكم لأنكم شاهدتموه على التلفاز أسيراً مكدّماً، أما زوجات وأطفال الضحايا الذين قتلَتْهم صواريخُ طيّارته وقنابلها فلم تُثِرْ أشجانهم. لقد كان زوجك يا مدام وكان أبوكم يا أولاد رحيماً بهم، فإنه دكّ البيوت فوق رؤوسهم فماتوا جميعاً بضربة واحدة، فلم تبقَ ثكلى لتنوح على زوج راحل ولا يتامى ليبكوا الوالد الفقيد.